دكتور محمود محيي الدين: مؤتمر المناخ في شرم الشيخ يعطي أولوية لملف الغذاء والمياه والطاقة لأنها تمس حياة الإنسان بشكل مباشر

لابد من استغلال التكنولوجيات الحديثة في تحقيق الأمن الغذائي وتوفير المياه ومصادر الطاقة للبشرية جمعاء

أكد الدكتور محمود محيي الدين، رائد المناخ للرئاسة المصرية لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي COP27، أن مؤتمر المناخ الذي تستضيفه شرم الشيخ في نوفمبر المقبل يعطي أولوية ويخصص جلسات موسعة لمناقشة ملف الغذاء والمياه والطاقة بوصفها احتياجات أساسية في حياة الإنسان تأثرت بالسلب بالاحتباس الحراري والتغير المناخي.

جاء ذلك خلال مشاركته عبر الفيديو في مؤتمر تنظمه جامعة عين شمس لمناقشة تأثير التغير المناخي على الإنتاج الغذائي في المناطق الجافة، بمشاركة رئيس الجامعة الدكتور محمود المتيني وعدد كبير من الأكاديميين وأساتذة الجامعات ومراكز البحث العلمي من داخل مصر وخارجها.

وقال محيي الدين إن عناصر الغذاء والمياه والطاقة شديدة الارتباط ببعضها البعض ولها أهمية بالغة في حياة الإنسان، موضحاً أن أزمة المناخ إلى جانب بعض الأزمات الأخرى مثل جائحة كورونا وتصاعد الأزمات الجيوسياسية وخصوصاً الحرب في أوكرانيا أضافت إلى معدلات الفقر وفاقمت أزمة الغذاء على مستوى العالم وأدت إلى تزايد أعداد الأفراد الذين يعانون من أزمات الأمن الغذائي ونقص مصادر المياه والطاقة حول العالم.

ودعا محيي الدين، في هذا السياق، إلى أهمية تفعيل التحول الرقمي في مجالات الزراعة والمياه والطاقة واستغلال التكنولوجيات الحديثة في تحقيق الاكتفاء من هذه العناصر للبشرية جمعاء.

وأفاد محيي الدين بأن العمل التنموي بشكل عام والعمل المناخي على وجه التحديد أصبح متخماً بالتعهدات والاتفاقيات التي بات الوفاء بها بمرور الوقت ومع تراكم الأزمات محل شك كبير، الأمر الذي دفع الرئاسة المصرية لمؤتمر المناخ إلى منح أولوية قصوى لتحويل هذه التعهدات إلى تنفيذ فعلي وفوري بما يتوافق مع اتفاقية باريس وأجندة التنمية المستدامة ٢٠٣٠.

وأشار إلى أن التنفيذ الفعلي لمشروعات المناخ يحتاج إلى قواعد بيانات محدثة وبحث علمي مستمر، الأمر الذي يلقي الضوء على أهمية دور الجامعات ومراكز البحث العلمي في العمل التنموي والمناخي.

وشدد رائد المناخ على أن المنهج الشامل في التعامل مع كافة أوجه التنمية المستدامة هو أمر واجب الاتباع، موضحاً أن اختزال العمل التنموي على مشروعات المناخ وكذا اختزال العمل المناخي على مجرد تقليل الانبعاثات الكربونية هو أمر غير مجدي يضر بمسارات تحقيق التنمية المستدامة في كثير من دول العالم.

وأضاف في هذا الصدد أن مؤتمر شرم الشيخ يركز على النهج الشامل بحيث يتم التعامل مع كافة أوجه العمل المناخي وهي تخفيف آثار التغير المناخي والتكيف مع الظاهرة والتعامل مع الخسائر والأضرار الناتجة عنها وإيجاد سبل لتمويل مشروعاتها.

وقال محيي الدين إن مؤتمرات الأطراف السابقة ركزت إجمالاً على الجهد الدولي للتصدي لظاهرة التغير المناخي، بينما يركز مؤتمر شرم الشيخ على البعدين الإقليمي والمحلي للعمل المناخي بما يتماشى مع الجهد الدولي ويساهم بفاعلية في تحقيق أهداف المناخ.

وفيما يتعلق بالبعد الإقليمي للعمل المناخي، تحدث محيي الدين عن مبادرة المنتديات الإقليمية الخمسة الكبرى مشيراً إلى انعقاد ثلاثة من هذه المنتديات خلال الأسابيع الماضية نتج عنها الاتفاق على مايقرب من ٣٩ مشروعاً تنموياً قابلاً للاستثمار والتمويل في أفريقيا وآسيا تخدم أهداف التكيف والتخفيف، كما يجري حصر المشروعات التي اتفق عليها المشاركون في المنتدى الخاص بأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي الذي عقد على يومي ١ و٢ سبتمبر، والتي من المتوقع أن يتراوح عددها بين ٢٠ و٢٥ مشروعاً.

وعن توطين التنمية المستدامة، قال محيي الدين إن مصر في إطار التحضير لمؤتمر المناخ أطلقت مبادرة المشروعات الخضراء الذكية لاختيار أفضل المشروعات التنموية على مستوى المحافظات بحيث تتوافق هذه المشروعات مع اتفاقية باريس وتحقق الاستفادة القصوى من الرقمنة، موضحاً أنه سيتم في النهاية التوصل إلى ١٨ مشروعاً على مستوى الجمهورية لعرضها في مؤتمر الأطراف في شرم الشيخ.

وأشار إلى أن مصر في إطار استضافتها لمؤتمر من أهم وأكبر المؤتمرات على مستوى العالم تقدم مبادرات تعد نموذجاً يحتذى به للعمل التنموي والمناخي على المستويين الإقليمي والمحلي.

كما وضح محيي الدين بأن مؤتمر شرم الشيخ يركز كذلك على عنصر تمويل العمل المناخي، والدفع نحو الوفاء بالتعهدات السابقة في هذا السياق وفي مقدمتها تعهد مؤتمر كوبنهاجن بتمويل العمل المناخي في الدول النامية بقيمة مئة مليار دولار سنوياً، كما تهتم الرئاسة المصرية للمؤتمر بمناقشة سبل تمويل العمل المناخي لما بعد عام ٢٠٢٥.

وشدد على أن أوجه التمويل لابد أن تتسع لتشمل الاستثمار وفق المعايير الدولية لتفادي ظاهرة الغسل الأخضر، وتوسيع مشاركة القطاع الخاص من خلال إبراز الفرص الكبرى المتاحة للاستثمار في العمل المناخي وخاصة في الدول النامية، وتفعيل آليات التمويل المبتكر مثل السندات الخضراء والزرقاء ومقايضة الديون، وربط الموازنات العامة للدول بالعمل التنموي، وإنشاء أسواق للكربون تتماشى مع أولويات وظروف اقتصادات الدول النامية والأسواق الناشئة.

ودعا محيي الدين، في هذا السياق، إلى أهمية تعميم المعايير التي تتبناها مؤسسة التنمية الدولية IDA في تقديم المنح والقروض لتمويل العمل التنموي، حيث تسمح بفترات سداد مطولة بفوائد مخفضة، كما دعا إلى أن إتاحة المنح المقدمة من المؤسسة للدول متوسطة الدخل إلى جانب الدول محدودة الدخل.

زر الذهاب إلى الأعلى