دكتور محمود محيي الدين: اجتماعات الربيع للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي تمثل فرصة جديدة لعلاج أزمة تمويل العمل المناخي

دكتور محمود محيي الدين:
اجتماعات الربيع للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي تمثل فرصة جديدة لعلاج أزمة تمويل العمل المناخي

مقترح “١٪؜ من أجل الحفاظ على مستوى ١,٥ درجة من الاحتباس الحراري” سيمثل دفعة قوية للتمويل الأخضر

أكد الدكتور محمود محيي الدين، رائد المناخ للرئاسة المصرية لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي COP27 والمبعوث الخاص للأمم المتحدة المعني بتمويل أجندة ٢٠٣٠ للتنمية المستدامة، أن اجتماعات الربيع للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي التي ستعقد هذا الأسبوع في واشنطن تمثل فرصة جديدة لعلاج أزمة تمويل العمل التنموي بشكل عام والمناخي بشكل خاص.

وقال محيي الدين، في مقال له نشرته “رويترز”، إن الدول الفقيرة هي من تدفع الكلفة البشرية الأعلى لتغير المناخ، كما أنها تسدد التكلفة المالية الأكبر لحماية نفسها في مواجهة الظاهرة وإيجاد الحلول، موضحًا أن العمل المناخي لإزالة الكربون بحلول عام ٢٠٥٠ والحفاظ على محتوى الاحتباس الحراري عند ١,٥ درجة عام ٢٠٣٠ يتطلب من الدول النامية باستثناء الصين تمويلًا يقدر بنحو تريليوني دولار سنويًا، بينما لم تف الدول المتقدمة حتى الآن بتمويل سنوي للعمل المناخي في الدول النامية قدره ١٠٠ مليار دولار فقط.

وأوضح محيي الدين أن بنوك التنمية متعددة الأطراف مثل البنك الدولي يمكن أن تساعد فيما يتعلق بتمويل العمل المناخي، لكن الترتيبات الحالية لتمويل المناخ من الدول المتقدمة إلى الدول النامية غير فعالة وغير كافية وغير عادلة، قائلًا إن أفضل طريقة للقيام بذلك هي من خلال نهج جديد تم إطلاقه في مؤتمر الأطراف السابع والعشرين في نوفمبر يسمى “١٪ مقابل ١,٥ درجة مئوية”.

وتناول محيي الدين هذا النهج بالشرح قائلًا إنه يعتمد على قيام بنوك التنمية متعددة الأطراف بتوسيع شروط التمويل الميسرة لتشمل البلدان متوسطة الدخل إلى جانب البلدان منخفضة الدخل حتى يتسنى لها دفع تكلفة الطاقة المتجددة والبنية التحتية الأساسية التي يمكن أن تساعدهم في التعامل مع المخاطر المتزايدة لتغير المناخ، ووفقًا لهذا النهج، ستتمكن هذه البلدان من الاقتراض بمعدل فائدة ١٪، مع فترة سماح مدتها ١٠ سنوات لن تضطر خلالها إلى سداد أي شيء، ثم مرحلة سداد مدتها ٢٠ عامًا.

وأفاد محيي الدين بأن فرق تكلفة هذا النوع من القروض الميسرة بين المعدل المنخفض البالغ ١٪ الذي تدفعه البلدان وتكلفة تمويلها في السوق التي يمكن أن تتجاوز ١٠٪ يمكن دعمه جزئيًا من خلال الجزء غير المدفوع حتى الآن من تعهد تمويل المناخ بقيمة ١٠٠ مليار دولار، والذي يمكن تقديره بمبلغ ٢٠ مليار دولار سنويًا، موضحًا إن توفير ٢٠ مليار دولار من النقد متعدد الأطراف لخفض تكلفة القروض المقدمة إلى الدول الفقيرة من ١٠٪؜ إلى ١٪؜ يمكن نظريًا أن يمكن المؤسسات المالية الخاصة من توفير ٢٠٠ مليار دولار للإقراض، كما ستغطي الرسوم البالغة ١٪ التكاليف التشغيلية للبنوك مثل النفقات الإدارية ونفقات المساعدات التقنية، في حين أن هيكل هذا النهج يوفر للبنوك شراكة طويلة الأجل عبر فترة السداد تمتد لعدة عقود.

وأكد أن خطة ١٪؜ للحفاظ على مستوى ١,٥ درجة مئوية من الاحتباس الحراري ستقلل من تكلفة رأس المال في وقت يواجه فيه الاقتصاد العالمي رياحًا معاكسة قوية، وتساعد على تقليل مديونية البلدان النامية مقارنة بممارسات التمويل الحالية، موضحًا أنه بدون السيطرة على أعباء الديون ان تتمكن الدول النامية من الاستثمار في الصمود في مواجهة التغير المناخي.

وأشار محيي الدين إلى ضرورة توسيع نطاق هذا النهج من التمويل الميسر ليشمل الدول متوسطة الدخل، التي تضم ٧٥٪؜ من سكان العالم ونحو ٦٠٪؜ من فقراءه، كما أن هذا النهج سيوفر تمويلًا ميسرًا لأنشطة التكيف والصمود، والتي لا تتحصل سوى على ١٠٪؜ فقط من تمويل العمل المناخي، موضحًا أن مشروعات التكيف والصمود تحتاج تمويلًا يتراوح بين ١٦٠ و٣٤٠ مليار دولار سنويًا حتى عام ٢٠٣٠، وما يتراوح بين ٣١٥ و٥٦٥ مليار دولار سنويًا حتى عام ٢٠٥٠.

وأوضح أنه تفنيدًا للقول بعدم وجود مشروعات قابلة للاستثمار والتنفيذ للاستفادة من هذا التمويل، أطلقت مصر بالتعاون مع اللجان الاقتصادية الإقليمية التابعة للأمم المتحدة وفريق رواد المناخ العام الماضي مبادرة المنتديات الإقليمية الخمسة التي أسفرت عن عدد كبير من المشروعات القابلة للاستثمار والتمويل والتنفيذ، كما ساعدت مبادرة السباق نحو الصفر في تحديد مجموعة من المشروعات بقيمة ١٢٠ مليار دولار ذات إمكانات استثمارية، من بينها مشروع لتكيف المحاصيل الزراعية مع التغير المناخي بقيمة ٨٠٠ مليون دولار في وادي النيل والدلتا في مصر، ومشروع لاستعادة النظم البيئية يتراوح قيمته بين ١١ و١٧ مليار دولار في حوض السند في باكستان.

واختتم محيي الدين بالقول إنه من خلال نهج ١٪ مقابل ١,٥ درجة مئوية، يمكن للعالم استغلال هذه اللحظة لإطلاق التمويل المناخي بالطريقة الصحيحة لتمكين جميع الدول النامية من تنفيذ خطط خفض الكربون والتكيف وحماية نفسها بشكل أفضل من الآثار المتزايدة لتغير المناخ.

زر الذهاب إلى الأعلى